“بريد تيفي”: مروان بلفقير
انقطعت أخيرا خدمة الدردشة “واتساب” لساعات محسوبة، فانقلب معها العالم رأسا على عقب، الكل يدندن باسم هذا التطبيق الأخضر، والكل يسأل ويتساءل عن حاله كأنهم يسألون عن قريب لهم أصيب في حادثة سير، كما أن البعض يتفقد رجوع خدمة “واتساب” بفارغ الصبر ويداه ترتجف ارتجافة تلميذ الباكالوريا حين تفقده ورقة الامتحان الوطني.. ربما هناك ما هو مهني وجد هام ويتعلق بهذا التطبيق الدخيل، لكن السؤال يتمحور حول كيفية تغلغله بسرعة الضوء في تفاصيل حياتنا، بل وتربعه على رأس قائمة أولويات أولويات إنسان القرن الواحد والعشرين.. هل نحن من سمحنا له باختراقنا؟؟ أم أننا مجبرون لا مختارون حياة الاستهلاك والتبعية خصوصا مع هذا الاكتساح والتطور التكنولوجي.
لا أؤمن بنظرية المؤامرة، ولكن هل تعثرات “فايسبوك” الأخيرة لها علاقة باختفاء “واتساب” السابق..؟؟ هل الداهية مارك زوكربرغ يقيس مدى حب العالم لألعاب عاشورائه؟؟ وهل هذا العالم الذي يُدمن ويعشق إدمان “قشاوش مارك” المُلونة، وضع سابقا في حسبانه إن “مارك” أراد تغيير الحرفة أو رمي دُماه أو إعارتها لأحدهم، فماذا يفعل العالم بدون رضّاعة مارك؟؟؟؟
تعودت تخصيص حيز للأرقام وللإحصائيات في جل كتاباتي، لكن في هذا الموضوع بالذات، لم يترك لي ذي الـ32 عاما، الأمريكي زوكريرغ ما أضيف، فأرقام استعمال تطبيقاته فايسبوك، واتساب، ميسنجر، إنستغرام، تجاوزت المعقول بكثير، وتؤكد أنه حقق حلم بنكي وصديقه والمشهوران بهذا السؤال/جواب: “ماذا سنفعل الليله يابرين؟ مانفعله كل ليلة يابنكي.. سنحاول السيطره على العالم”.. فعلا مارك استطاع أن يسيطر على العالم.. نعم ذلك الشاب صاحب التسريحة البسيطة، والقميص غير اللافت للأنظار يسيطر على العالم، كما أنه يعرف ويعي جيدا ذلك، ولا أعرف ولا أعي لا أنا ولا أنتم من هو فعلا مارك زوكربرغ ومن وراءه أو بالأحرى ماذا ينوي فعله بهذا العالم بعدما صار له أحد مفاتيحه؟؟
أغلب المواقع الإلكترونية، بدءا من التي تختص بالصحافة إلى تلك التي تسوق الملابس الداخلية، تعتمد لجلب النسب الأكبر من زوارها على تطبيقات مارك وخصوصا “فايسبوك”، وصفحات هذا الأخير التي كانت في زمان مضى “لايكاتها” تعتبر افتراضية، إلى أن غدا عدد “اللايكات” يوزن بالمال، ويجلب الزوار ويؤثر ويعطي الصدى الذي تريده..، ما يزيد “فايسبوك” وأخواته قوة على قوة، أنه وازى بين إحكام قبضته على الانترنت بالعالم وصار الرحى التي يدور عليها هذا العالم الافتراضي وبين إحكام قبضته على البشر بالاستقرار في أدنى تفاصيل حياته اليومية، ليصبح بذلك مارك ومن معه “ملوك العالمين”.
حتما مقالي هذا سيستقر في إحدى الصفحات الـ”فايسبوكية” وسيبحث عن حظه من اللايكات ونسب المشاهدة، وسيبقى مارك ماسكا زمام الأمور بالعالمين، لكن هل سألتم أنفسكم يوما ما موقعكم في الرقعة وماذا تعلمون عن أربابها؟ وماذا لو تحول “مارك” يوما ما إلى انتماء متطرف أو غير صحي أو اختُل عقله.. فماذا سيكون مصير العالم أنذاك؟؟.