“بريد تيفي”
ساهم الفريق الاشتراكي، مساء أمس الخميس، بمجلس النواب، في إثراء مناقشة مشروع قانون المالية برسم سنة 2017، عبر مداخلة النائبة حنان رحاب باسم الاتحاد الاشتراكي، مستحضرا بذلك سياق تنفيذه وإعداده وطنيا ودوليا، متوخيا المساهمة في إثراء التدخل العمومي الذي يعتبر قانون المالية احد أدواته الأساسية، آملا في أن تساهم مشاركة حزب “الوردة” في الحكومة في تمنيع بلادنا وتيسير تطورها.
وقالت الإعلامية قبل البرلمانية، حنان رحاب، “إن المناخ الدولي الذي يتشكل حولنا، ويُؤثر على مساراتنا، يحمل جرعات من القلق، وفي كثير من مناطق العالم هناك تنامي نزعات الانطواء والقوميات الضيقة والتطرف، وهو ما ينعكس على الاوضاع الاقتصادية ويعيد رسم العديد من الخطوط الجديدة لدوائر الفعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، الذي لا شك قد تكون له ارتدادات تستدعي اليقظة لنكون مهَيَّئين، على الأقل، بالقدر الذي لا يفاجِئُنا.. نناقش هذا المشروع والذي يحمل رقم 73.16، والمغرب ينوع شركاءه ويعزز شَراكاتنا الاستراتيجية، يفضل الرؤية الملكية التي تعتبر حاسمة في هذا المجال، وتعبر عن جُرأةٍ كبيرةٍ في رسم هذا التَّوجهِ في وقت كان مُحيطُنا يعيش ضبابيةً كبيرةًوتموجات غير متحكم فيها”
وأكدت رحاب، أن كل ما سبق ذكره يجعل المغرب أمام تحديات ورهانات لم يسبق وأن كانت بهذا الحجم الذي يجعل المغرب في قلب ريادة قارية تُوِّجت بالعودة إلى مؤسسات الاتحاد الإفريقي. لذا، فالكل أمام واقع جديد يفرض على بلادنا أن تكون في مستوى تطلعات شُركائنا الذين فتحنا معهم شَرَاكات واسعة وضخمة تتطلب المتابعة الفاعلة واليقظة من أجل الحفاظ عليها، مبرزة أنه أنه على رأس كل التحديات تظل قضية وحدتنا الترابية في قلب ومقدمة الأولويات، ما يوجب التذكير بالمكاسب التي حققتها بلادُنا في ما يرتبط بهذه القضية المصيرية، كما يتجسد ذلك في جزء منه في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الأخير حول الصحراء المغربية، وقرار مجلس الأمن الدولي.
وأشادت رحاب في معرض كلمتها عاليا بما تضطلع بها القوات المسلحة الملكية في الأقاليم الجنوبية بمجموع التراب الوطني بحماية الوطن وأمين حدوده، مضيفة أن لكل الجنود والضباط وضباط الصف كل التحية والتقدير، ونفس التحية نوجهها لأفراد قواتالأمن والقوات المساعدة الساهرين على الأمن والاستقرار، كما أشارت إلى أن المغرب يتوفر على مُؤشرات قوة من شأنها تعميق العلاقات الاقتصادية، كالقرب الجغرافي؛ والبُعد التاريخي والثقافي، إلى جانب تعدد الاتفاقيات التي عقدها مع بعض الدول الإفريقية،والتي تناهز 480 اتفاقية شراكة، لَكِنَّـها تفرض تحدياتٍ تنطلق من الدَّاخلِ ومنها:
– تعزيزُ قُدراتِ الاستثمار في المجالاتالتي تشملها الاتفاقيات المتنوعة؛
– دعمُ القدرة التنافسية للقطاعاتِ التي شرعت في الاستثمار داخل القارة الإفريقية؛
– وفي نفس الوقت تجاوز الإشكالات التي لازالت تُعِيق النَّفَس الاستثماري القوي سواء على مستوى التخطيط والتوجيه، أو على مستوى محاربة عوائق الإدارة التي تَكْبحُ تقدمه.
وبعد توطئتها قالت الاشتراكية رحاب “إن السياق الداخلي الذي تأتي فيه مناقشة قانون المالية الحالي، يُعَد في نظرنا مناسبة لاستخلاص العبر حتى نتمكن من جعل هذا السياق في خدمة المستقبل، إذ لم نتأخر،كفريق اشتراكي،في كل اللحظات التي استدعت المصلحة الوطنية أن نضع جانبا جزءً من خلافاتنا وتصوراتنا حول المسار السياسي والاقتصادي وأن ننخرط في اللحظات الصعبة في أي مجهود يُمكن أن تكون له آثار إيجابية على المصلحة العليا للوطن”.
مؤكدة أن الفريق الاشتراكي، يعتبر أن قراءته لهذا المشروع، تندرج ضمن قناعة بضرورة ترسيخ البناء الديمقراطي القائم على المساهمة الإيجابية والفاعلة. ، وأن هذه القراءة التي يتقاسمها الفريق مع المغاربة، يحكُمها النَّفَس المستشعر لفضيلة تزكية مجموعة من الاختيارات التنموية التي حققتها البلاد منذ أواخر التسعينات، والتي لعب الاتحاد الاشتراكي دورا طلائعيا في إنجاز جزء منها، كما نتوخى إبراز محدودية نمط التنمية المعتمد وبالتالي ضرورة إعمال جيل جديد من الإصلاحات البنيوية التي تُمَكِّن من الاستجابة للمطالب الاجتماعية المتزايدة والملحة.
مطالبون بتشخيص هذه الاختلالات التي لازالت تعيق توسيع الرقعة الاجتماعية والمجالية للمستفيدين من المسار التنموي للبلاد. ومن البديهي أن نكون كاشتراكيينَ، ديمقراطيينَإيجابيينَ ومنخرطينَ،لربح الرهان التاريخي الذي جاءت في سياقه هذه الحكومة، والذي يقتضي مواصلةَ تفعيلِ مقتضياتِ الدستورِ من خلال إصلاحاتٍ بِنْيَوِيةٍ للدولة لتقويم أدائها والرفعِ من مردودية القطاع العمومي في إنتاج الخدمةِ العمومية.
واستأنفت رحاب خطابها مشيرة إلى أن انتظارات المواطنات والمواطنين المشروعة، كثيرة ومتعددة، مما يستوجب، ليس فقط، التنصيص على إجراءات طموحة لتحقيق الأهداف المنشودة من خلال البرنامج الحكومي، ولكن، أيضا، اعتبار الأمر ذي أولوية قصوى، وذي طابع استعجالي في كثير من جوانبه، خاصة مايرتبط بالإرادة السياسية أكثر مما يرتبط بالموارد المالية والإمكانات البشرية الواجب توفرها لإنجاح الإصلاح، ما ينبغي رفع الحيف عن مجموعة من الفئات الاجتماعية والمهنية التي وجدت نفسها مُجبرة على الدفاع عن نفسها بكل الأشكال المشروعة، بما في ذلك النزول للشارع، قصد إيصال صوتها بخصوص مطالبها التي يَلْزَم التفاعل معها، أساسا من خلال سياسة الحوار الجاد والمسؤول، بعيدا عن أيةِ هواجس أمنيةٍ نعتبر أنها متجاوزة.
كما أنها اعتبرت أن مشروع قانون المالية، مُناسبةً لوضع اقتراحات بشأن تَمْكِينِ العديد من الفئات المهنية من مطالبها التي لم يُستجبْ لها، إما نتيجةَ تدابيرَ جزئيةٍ في غير محلها، أو نتيجةَ توجه عامٍّ، ويتعلق الأمر، على سبيل المثال وليس الحصر، بكل من الأساتذة المتدربين، متدربي برنامج 10 آلاف إطار تربوي، وفئة الممرضات والممرضين، والمحاسبين المعتمدين… إلى غير ذلك من الفئات التي تَعتبر أنه قد لحقها حيفما. ولذلك، فإن نهج أسلوب الحوار القطاعي الاجتماعي بالنسبة لبعض الحالات، كفيلٌ بوضع حد للعديد من هذه الاختلالات.
وقالت في معرض المداخلة ذاتها “إننا مطالبون باستعادة الثقة بين اطراف الحوار ترسيخا لمصداقية مؤسسات الدولة، من خلال الوضوح والجهر بالحقيقة للرأي العام ووضعه في صورة الأوضاع الاقتصادية والمالية، فيما تذهب قراءة الفريق الاشتراكي لهذا القانون من مدخل الرؤية الشمولية، التي تضع في الاعتبار المسألة الاجتماعية كأولوية، في علاقتها بتقوية التنافسية الاقتصادية للبلاد وتشجيع الاستثمار وخلق الثروة، وجَعْل كل ذلك في خدمة التوجه الاجتماعي للحكومة استجابة لانتظارات شرائح واسعة من الشعب المغربي.