“بريد تيفي”: لبنى الفلاح
في مناقشة تقرير لجنة تقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد ناب محمد العلمي رئيس الفريق الاشتراكي، عن فريقه، في جلسة اليوم الأربعاء 15 مارس 2017، مخاطبا كافة المستشارين قائلا:
“يشرفني أن أتدخل باسم الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين من أجل مناقشة تقرير لجنة تقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد التي شكلها مجلسنا الموقر، و الذي يعتبر أول تمرين في ظل الوثيقة الدستورية الجديدة بناءا على الفصل 67 منه،و التي أعطت اختصاصات وصلاحيات ومهام جديدة للجان تقصي الحقائق بما يعزز الدور الرقابي للبرلمان وبما يقوي آليات الحكامة في تسيير الشأن العام.و في منظور فريقنا فان انعقاد هذه الدورة الاستثنائية ياتي انسجاما مع مقتضيات القانون التنظيمي رقم 085-13 المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق’ باعتباره قانونا مكملا للدستور و انسجاما مع اجتهاد القضاء الدستوري في نازلة مشابهة”.
وأضاف العلمي في معرض كلمته، “وفي البدء اسمحوا لي باسمي و باسم كافة أعضاء الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين أن أوجه تحية عالية لمؤسستنا التشريعية على هذا الانجاز الذي توفقنا في إنجاحه، بشكل صادق و برغبة و إرادة عالية من المجلس و كل مكوناته، كما أجدها فرصة لتوجيه التحية لأعضاء اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد ، على العمل الجبار الذي أنجزته رغم كل الصعاب و العراقيل، حيث استطاعت منذ الوهلة الأولى أن تظهر عزمها و إرادتها من خلال برنامجها المتكامل الذي وضعته كسياق و مسار لعملها منذ شهر غشت 2016 عبر آلية الاستماع للشهود من خلال جلسات الاستماع أو من خلال تحليل الوثائق ذات الصلة بالصندوق المغربي للتقاعد” .
و استأنف رئيس فريق الاتحاد الاشتراكي حديثة قائلا “كما يعلم الجميع ، أن نجاح عمل أية لجنة برلمانية لتقصي الحقائق حول أي موضوع ، يرتبط جدليا بالسياق السياسي العام و المناخ الذي يخلقه ، نظرا للطبيعة السياسة لعملنا تحت يافطة المراقبة البرلمانية سواء لعمل الحكومة أو المؤسسات العامة ، و هنا أجدد التحية مرة ثانية لعمل هذه اللجنة البرلمانية ، حيث في ظل وضع سياسي خاص يعرفه الجميع سمته مرور خمسة أشهر و نيف على الانتخابات التشريعية، حيث لم يستطع الفاعل السياسي تشكيل حكومة سياسية توافقية إلى يومنا هذا، و ما يترتب عن ذلك من شلل عام في مؤسسات الدولة و من بينها المؤسسة التشريعية ، و هو ما ينعكس سلبا على المصالح الوطنية الكبرى للدولة، و في طياتها مصالح المواطنين و تطلعاتهم لتحقيق الآمال المرجوة”.
“أمام هدا الوضع السياسي ، وجدت اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد و معها مجلسنا الموقر، نفسه أمام لغط و لبس و في بعض الأحيان محاولة فرض جدل عقيم حول العلاقة بين حكومة تصريف الأعمال و المؤسسة التشريعية، و هو جدل كان بالإمكان تجاوزه و عدم تضييع الوقت فيه، على اعتبار أن العلاقة في الأصل هي نفس العلاقة بين الحكومة و المؤسسة البرلمانية، و بالتالي استمرار المؤسسة التشريعية في القيام بعملها الرقابي على الاقل في العلاقة مع باقي الوزراء في الحكومة الحالية حكومة تصريف الأعمال”.
ليترسل المتحدث ذاته “هذا الواقع دفع ببعض السياسيين و الإداريين إلى عدم الاستجابة و الإجابة على بعض تساؤلات أعضاء اللجنة و هو ما تمت الإشارة إليه في التقرير الموضوع بين أيدينا بل وصل الأمر إلى اعتماد اللجنة في استدعاء البعض إلى الاستعانة بالمفوض القضائي.و هي نتيجة مباشرة لما يعرفه المشهد السياسي الحالي الذي يراوح مكانه في عملية التفاوض من أجل تشكيل حكومة ما بعد انتخابات 7 أكتوبر 2016 ، و الذي يتسم بسيادة إغراق المشهد السياسي بفوضى التصريحات غير المسؤولة بطلها الفاعل السياسي المنوط على عاتقه عملية تشكيل الحكومة ، تصريحات تغرق في الشوفينية و الإقصاء و فرض الرأي الواحد ، في الوقت كان من المطلوب بل من المفروض عليه تغليب المصلحة العليا للبلاد و التي تتطلبها المرحلة محليا و قاريا و دوليا ، في ظل عالم جديد يتشكل لا يعلم كل المتتبعين المسار الذي سيسلكه ، بما يفرض على الجميع الاستعداد لمواجهة التحديات و المخاطر و التهديدات التي تترصد بوطننا العزيز ، و ما يفرضه كذلك الواقع الدبلوماسي منا من توحيد الصفوف وراء جلالة الملك من أجل تعزيز المكتسبات التي يحققها يوميا على مستوى القارة الإفريقية و على رأسها عودة بلادنا إلى الاتحاد الإفريقي و ما يتطلبه الأمر من بلورة رؤية للتصدي لخصوم وحدتنا الترابية. دون أن نغفل الآمال المعقودة علينا كفاعلين سياسيين من طرف الشعب المغربي من أجل الاستجابة لكل مطالبه الاقتصادية ، الاجتماعية و التنموية ، و هو ما أكده جلالة الملك في خطابه التاريخي بمناسبة المسيرة الخضراء المظفرة من عاصمة السينغال داكار”.
مضيفا “إننا في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، عندما نتناول النظر في قطاع حساس من قبيل الصندوق المغربي للتقاعد نظرا لارتباطه المباشر بمصلحة المواطن ، فإننا لا نسلك دغدغة عواطف الناخبين و استغلال وهم الإصلاح بشكل فضفاض لاستمالة الأصوات ، بل ننطلق من قناعاتنا الفكرية و السياسية المسطرة في أدبياتنا السياسية و الفكرية مند نشأة الحزب ، و التي أدى عليها المناضلون الاتحاديون ضريبة قاسية مست الحق في الحياة و الحرية، و هي قناعات تنحو نحو الدفاع عن مصالح المواطنين و تحصين مكتسباتهم التاريخية و التي حققوها بفعل نضالاتهم إلى جانب القوى الوطنية و الديمقراطية”.
مؤكدا أن أدبيات مناضلي الحزب “تنبني على الالتقاء المباشر مع مطالب المركزيات النقابية العادلة و مع كل الشركاء الاجتماعيين على قاعدة الدفاع على مصالح الشعب المغربي ، و هو ما دفعنا للمشاركة الفعالة في هده اللجنة النيابية لتقصي الحقائق و دلك ليس لدر الرماد في العيون أو لجبر الخواطر كما حاول المشككون و العدميون الترويج له ، بل للوقوف على مكامن الخلل بغية الخروج برؤية شاملة للإصلاح دو بعد هيكلي استراتيجي يكون استفادة المواطن المغربي أساسه الجوهري ، بدل الارتكان إلى إصلاح جزئي دو بعد مالي ضيق يجيب فقط على إملاءات المؤسسات المالية الوطنية و الدولية . و هو ما آثرناه في حينه و طالبنا بإلغاءه،و قلنا بأننا ضد المقاربة التجزيئية للإصلاح”.
وانطلاقا مما سبق ذكره يؤكد العلمي، “نجد أنفسنا اليوم نكرر ما قلناه سابقا أن عدم التزام الحكومة السابقة بوعودها بخلق مناصب شغل و خصوصا في أسلاك الوظيفة العمومية زاد من تفاقم وضعية الصندوق المغربي للتقاعد، و هنا ننبه إلى خطورة محاولة ترسيخ فكرة السخاء التي يتمتع به الموظف من الصندوق، وهي فكرة مجانبة للواقع، و نعلم أن الإصلاح الجزئي للتقاعد المطلوب تجميده بني عليها، مما حوله إلى كارثة اجتماعية كما عبرت عن دلك المركزيات النقابية، و كما أكدناه خلال مناقشتنا لتقرير المجلس الأعلى للحسابات بخصوص وضعية الصندوق المغربي للتقاعد،و كدا خلال مناقشة مشروع قانون المتعلق بالمعاشات المدنية. بحيث سجلنا أن أية محاولة أو مقاربة لتحميل مسؤولية العجز الذي يعرفه الصندوق للموظفين يمثل قصورا في الرؤية و حيفا في المعالجة لإشكالية التقاعد في الوظيفة العمومية”.
المصدر ذاته يبرز أنه “في الفريق الاشتراكي ، لا زلنا نتساءل و نعيد السؤال اليوم حول المنهجية التي اعتمدتها الحكومة السابقة في إصلاح منظومة التقاعد، تساؤل يقوم على جدلية من الأسبق منهجيا ، هل يتطلب الأمر الانطلاق في موضوع الصندوق المغربي للتقاعد من آلية تقصي الحقائق ثم الاستنتاج ثم بناء الرؤية الإصلاحية أم العكس هو الصحيح”.
كما قال إنهم في الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، “نسجل موقفنا الرامي إلى تبني جملة و تفصيلا كل توصيات الصادرة عن اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد و نؤكد رفضنا لأي مساس بالحقوق التاريخية المكتسبة لكل المنخرطين و المتقاعدين و نعتبر أن أية مساس بهده الحقوق ينبني على رغبة و نية مبطنة لتأجيج الوضع الاجتماعي و هو ما صرنا نلمسه من خلال التفاف جل الموظفين حول تنسيقيتهم الوطنية لإسقاط خطة التقاعد في المغرب و التي سطرت مند شهور أشكالا احتجاجية تنحوا اليوم نحو المزيد من التصعيد، كما أننا نتشبث بمسؤولية الدولة في ما آل إليه واقع الصندوق المغربي للتقاعد كما جاءت في التوصيات و نطالبها بتسوية ما بذمتها”.
مضيفا “إننا اليوم نشق طريق الإصلاح في موضوع الصندوق المغربي للتقاعد بشكل علمي منهجي يسجل لمجلس المستشارين كإنجاز رغم السياق السياسي الذي نمر به ، انجاز كسر الجمود المؤسساتي .كما أن أفق الإصلاح للصندوق المغربي للتقاعد لا يمكن أن يتم دون ادراج الإصلاح المقياسي الذي اعتمدته الحكومة السابقة في إطار الإصلاح الشمولي و اخراج القانون الاطار الذي يرسم خريطة الطريق لذلك، كما نؤكد على ضرورة احترام انتظام جولات الحوار الاجتماعي كآلية لتوحيد الرؤى و التوافق ، كما نسجل ملاحظة تم إغفالها في التقرير بخصوص الصندوق المغربي للتقاعد ترتكز على ضرورة تحيين أو إعادة النظر في النظام المعلوماتي للصندوق حيث وقفنا على شكايات المواطنين بخصوص تسبب هدا النظام المعلوماتي في عرقلة معالجة ملفات المستفيدين”.
و في ختام مداخلته، جدد العلمي التحية لرئاسة المجلس و لكل أعضاء اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد، مؤكدا “أننا نساند كل التوصيات التي خلص إليها التقرير وأولها أداء الدولة ما بذمتها من متأخرات مستحقة لفائدة نظام المعاشات المعاشات المدنية ، ثم كذلك تفعيل توصيات اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد لمباشرة الإصلاح الشمولي، بإحداث قطبين، قطب عمومي يضم الصندوق المغربي للتقاعد و النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد و قطب خاص يضم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و الصندوق المهني المغربي للتقاعد،وهذا ما أجمعت عليه تقارير المؤسسات الدستورية ببلادنا كالمجلس الأعلى للحسابات و المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي و المندوبية السامية للتخطيط و أيضا المؤسسات الدولية كالبنك الدولي”.