“بريد تيفي”: حفيظة الوريد
يبدو أن بنكيران دخل في هلوسة تثير الشفقة بعد تضييق الخناق عليه من طرف أخنوش. لم يفهم المسكين او ربما يتظاهر بعدم فهم أن الدولة تنتظر منه الابتعاد إن كانت له ذرة إحساس ووازع من يقظة وكرامة.
في الدول الاوربية نجد السياسي يستقيل دون هوادة لمجرد انتقاد بسيط له. وهاهو بنكيران يتنازل عن كرامته مقابل المنصب الذي جعله محط انتقادات وسخرية. جعله أخنوش يثني قراره عن إدخاله حزب شباط الحكومة رغم قطعه العهد معهم وقسمه القسم الغليظ الذي لا يعي قيمته ومسؤوليته، في حين أن اخنوش يفتخر بانه رجل الكلمة التي لا يتراجع عنها مهما كلفه الامر.
فمن بالله عليكم يملك قرار اختيار الاحزاب التي تدخل الحكومة؟
هو يعي تماما أن البساط قد ازيح من تحت رجليه ويعيش حالة حداد داخلي ربما يستحيل معها نومه. تخلى عن الحزب الذي قطع معه عهدا، وهاجم بالتالي رفيقه في الحزب عبد العزيز أفتاتي لمجرد انه ادلى بتصريحات نارية وصف فيها اخنوش ب “الشناق” وطالب بنكيران بحدة افتاتي بالتزام الصمت ونعته بانه تمرذ وتجاوز الخطوط الحمراء. هو الان يحتضر ويطلب من اعضاء حزبه تكميم افواههم لانهم بذلك يضرون مسار الحزب. نفاقه بلغ اوجه عندما نعت اخنوش بالرجل الطيب وانه في انسجام تام معه.
في موقف آخر، وخلال لقاء رؤساء الجماعات المنتمين لحزبه أردف قائلا بأنه هو صاحب الجمل وهو من يقرر البيع والشراء” مخاطبا أخنوش. لقد أفقده اخنوش جادة الصواب، فتارة يصد من يهاجمه وتارة أخرى ينزله شتما وقذفا. بنكيران الذي اعطاه المغاربة فرصة اخرى ليتبوأ مراكز القرار وماهو الا بهلوان يشبههم بالغنائم والحيوانات تباع وتشترى ويصفهم هذه المرة بالجمال وانه قائدها.
كان ذلك عقب تذمره من الضغوطات التي مارسها عليه اخنوش لتشكيل حكومة تنسجم وطموحات المواطنين، في الوقت الذي يلهث فيه بنكيران وراء الكرسي والظفر بأكبر عدد من اقوى الحقائب الوزارية.
في مقولته عن انه مول الجمل تلميح لاخنوش الذي يفرض شروطه بعد أن تمكن من استبعاد حزب الاستقلال من المشاركة في الحكومة. وقال بالواضح انه ينتظر فقط ان يجيبه اخنوش عما إذا كان هو يريد الدخول الى الحكومة لا أن يقرر من سيدخل من الاحزاب بصفته الوحيد الذي يملك الحق في ذلك.
أمرك غريب يا بنكيران، إن كان الأمر كما تقول فهلم شكل حكومتك ولا تنتظر إشارة من أحد.
لقد خرج رئيس الحكومة عن جادة الصواب وأخاله سيدخل في حالة هذيان مزمن، ونسي تماما ما يليق به ان يفعله تجاه من نعتهم بالجمال بعد ان صوتوا عليه، نسي الواجب تجاه ضحايا حادثة سير بين اكادير ومراكش الذين زارهم الملك وتفقد احوالهم، وبنكيران المسكين يطفئ النار مرة ويوقدها مرات، يلهث كالمسعور وراء الكراسي ولا يترحم على الموتى من ابناء الشعب في حين كان يستقل طائرة خاصة لتعزية اعضاء حزبه والبكاء في جنازاتهم.
إن كان المغاربة جمالا ولم يستطيعوا الانتقام منك كعادة الجمال، فقد ساق لك القدر اخنوش باسم شعب مقهور ليجعلك ذليلا منهارا تخبط خبط عشواء وتعيش حالة هذيان دون حمى. اللهم لا شماتة