“بريد تيفي”: بيت الحكمة
تستعد الأحزاب السياسية لخوض استحقاقات السابع من أكتوبر القادم، ويطغى على اهتماماتها كالعادة موضوع التزكيات والتحالفات والوسائل التقنية لخوض الحملة الانتخابية، في تهميش ملموس للبرامج والتوجهات والاختيارت الإيديولوجية، وهوما ينبئ عن فراغ كبير في الفكر السياسي مرده إلى ضعف الوعي بالقيم الديمقراطية سواء داخل الأحزاب أو في المجتمع، مما يؤدي إلى تحول الانتخابات إلى مجرد تدبير تقني من أجل ملء المقاعد بالبرلمان والحكومة ، على حساب المضمون القيمي الذي من شأنه أن يرفع من مستوى الحياة السياسية، ويعمل على تخليقها، ويحقق استعادة الثقة في المؤسسات لدى عموم المواطنين.
ومن بين القضايا التي لا تعطاها أية أهمية في برامج الأحزاب وحملاتها وحواراتها مع المواطنين،قضية الحريات، والحريات الفردية بشكل خاص، حيث تعمد الأحزاب السياسية إلى التهرب من مسؤولياتها في اتخاذ الموقف الواضح والمطلوب من هذا الموضوع، بذريعة أن المجتمع المغربي محافظ وأن التورط في موضوع الحريات قد يكون على حساب شعبية الحزب ومردوديته الانتخابية. وفي هذا الصدد يؤكد بيت الحكمة على ما يلي:
ـ أن وظيفة الأحزاب السياسية ليست مسايرة المجتمع في أوضاع التأخر التي يتخبط فيها، بل العمل على تأهيله والرفع من مستوى الوعي المواطن لدى الأفراد من الرجال والنساء ، فالأحزاب التي تعتبر حريات المواطنين من المحرمات لأغراض انتخابية إنما تساهم في تخلف المجتمع وتعمل على تأخير انتقاله الديمقراطي .
ـ أن الحريات الفردية جزء من منظومة حقوق الإنسان الكونية التي يتبناها الدستور المغربي باعتبارها كلا غير قابل للتجزيء، وعلى الأحزاب السياسية التأكيد عليها في برامجها التي ينبغي تخصيص حيز هام منها لموضوع القيم والحقوق والحريات، ذلك لأن التركيز على الاقتصادي الاجتماعي والسياسي دون العمق الثقافي والقيمي لن يساهم في إنجاح التجربة الديمقراطية المغربية.
ـ ان الواقع المغربي يتجه بشكل خطير نحو مزيد من العنف في الفضاء العمومي، بسبب سعي بعض الأطراف إلى الهيمنة على الفضاء العام وإحكام الوصاية الأخلاقية على المجتمع، وإن أفضل الطرق لمواجهة هذه الآفة هي الرفع من قيمة الحريات الفردية عوض تبخيسها، والعمل على توعية المواطنين بأن حريتهم ترتبط بكرامتهم، وأن احترامهم لبعضهم البعض من أسس المجتمع الديمقراطي ودولة القانون.