“بريد تيفي: ادريس حسني
لن أحدثكم عن مشروعية مطلبنا، ولا على الخصاص المهول الذي تعاني منه المدرسة العمومية، ولا عن السياسة الهوجاء البلهاء، العمياء الصماء، البكماء…التي تنتهجها الحكومة، لن أحدثكم عن الظلم الذي تعرض ويتعرض إليه خريجو 10000 إطار لأن أي حديث في هذه الأمور إن لم يكن أمر الوطن غاية له ومصيره ومستقبله أساسا له فإنه يغدو هرطقة ولغوا، ومع ذلك فإن حديثي سينصب جله عن مسؤوليتنا اتجاه هذا الوطن ، والذي إن لم يجد ضمائرا حية، وعزائما لا تكل ولا تمل فإن مصيره سيكون الضياع، وسينتهى الحال بأبنائه خداما لمن يقتاتون من عرقهم بل ودمائهم.
فإلى متى سيظل بيت لقمان على حاله؟
هذا سؤال لطالما ردده المغاربة تعبيرا عن سخطهم على ما آلت إليه الأوضاع في بلدهم، والشرفاء وحدهم يعبرون عن هذا السخط بالعمل وبالنزول إلى الميدان مطالبين بالتغيير، يدقون أجراس الخطر منبهين إلى مصير مكتسبات أبناء الشعب، هؤلاء الذين يجابهون بالقمع والتعتيم، هؤلاء الذين يصرون على انتزاع حقوقهم وحقوق أبناء شعبهم، ولسان حالهم يقول: لو أن كل صاحب مظلمة، وكل ذي حق سعى لانتزاع حقه، بعد قيامه بواجباته، لكان لوطننا الحبيب شأن أخر، ولأن هؤلاء الشرفاء يؤمنون بوطن للجميع؛ تتحقق فيه العدالة والمساواة، والحرية والكرامة…فإنهم لا يملكون إلا أن يوحدوا أصواتهم في صوت واحد، لان مصيرنا في هذا الوطن مصير مشترك.
فإذا كان الانتهازيون، واللصوص وأرباب المال الذين لم يسألهم أحد من أين لكم هذا؟ و(صناع القرار) الذين لا قرار لهم، إلا ما قررته لوبيات العصابات التي تسطو على خيرات هذا الوطن ومستحقات أبنائه، يتحدون ويتضامنون باسم المصالح المشتركة التي يقنعونها بمصلحة الوطن العليا حينا وباسم الاستقرار حينا أخر وباسم عفا الله عما سلف –وما كان الله راضيا عن ظلم ابدا- بعد أن كان شعار أصحابه قبل هذا هو إسقاط الفساد والاستبداد، وربط المسؤولية بالمحاسبة وهلم جرا من الشعارات الزائفة التي تتاجر بمشاعرنا، بل وبمصائرنا، فإننا لا نملك حيال هذا الوضعإلا أن نضع أيدينا في أيديبعض ضد من خان هذا الوطن وباع هذا الوطن لإملاءات داخلية ممن يحسبون على هذا الوطن أو خارجية كالبنك الدولي أو غيره…
من بين هؤلاء الشرفاء الأطر المنضوية تحت لواء المجلس الوطني لــ 10000إطار تربوي، والذين يجابهون بالقمع والتعتيم وبالصمت، ومع ذلك لا يهمهم من خذلهم، بل إن هذا يقوي من عزائمهم ويعري أكثر الوضع المزري الذي ستؤول إليه الأوضاع في هذا الوطن إذا لم تتحد إرادات المقموعين والمظلومين والمهمشين من أبناء هذا الوطن.
وصدقوني إن نجحوا في إتمام صفقة بيع المدرسة العمومية، فلن يبقى لأبناء هذا الشعب إلى التشريد والتجويع، والتجهيل والتفقير.. والدليل على ما أقول المناهج الدراسية الفاشلة والسياسة التعليمية المتخلفة، والحالة المزرية بل والكارثية أحيانا للمدرسة العمومية، الوضع الاعتباري للمدرس الذي يفقد كل يوم شيئا من مهابته ومكانته، ليفقد العلم معه قيمته ويتراجع دوره، فأي دولة هذه التي تسعى للتقدم دون أن تجعل من التعليم أولى أولوياتها؟
وإذا كثر الشياطين الخرس فستتهدم دار لقمان على رؤوس الحابل والنابل.
“هذا وطن ليس للبيع” شعار الأطر التربوية وشعار الشرفاء في هذا البلد، يسابقون الزمن كي لا بياع بثمن بخس في سوق النخاسة للمرتزقة والخونة، وأصحاب المشاريع التي تزيد الفقراء فقرا وتدر على اللصوص من عرقهم وجهدهم.
“هذا وطن ليس للبيع” ومصائرنا ليست للبيع وحقنا لا يقبل المزايدات وسننتزعه شاء من شاء وأبى من أبى، لأن أبناء هذا الشعب المتنازلين عن حقوقهم هم المتنازلون عن وطنيتهم.
هذا الوطن لأبنائه كما يتردد على ألسنة الأطر التربوية،ولسان حالهم يقول: نريد وطننا بحجم عيوننا لا بحجم بطوننا، وطننا يمنح من يمنحه، لأنه سيد العارفين بأن منحته للمانحين ما هي إلا منحة له لا عليه، ولأن مثل هؤلاء وإن طالبوا بحقوقهم فإنهم لا يطالبون بها إلا لتعينهم على أداء الواجب، ومثل هذا الوطن يؤخذ ولا يعطى.
“هذا وطن ليس للبيع” ولن نكون أقل شأننا من الشهداء الذين بذلوا أرواحهم في سبيل كرامة هذا الوطن، أملا في أن ينعم من سيأتي بعدهم بغد أفضل.
ولأننا نريد وطن الكرامة، وطن العدالة، وطن الحرية، وطنا للجميع فسيحق الله الحق، والعاقبة للمخلصين من أهل هذا الوطن.