“بريد تيفي”: بقلم حسن السوسي
حاولت أن أفهم لماذا صوت بعض المثقفين والجامعيين المغاربة المعروفين لحزب العدالة والتنمية.
كان سؤالي يدور حول ماذا كان تأييدا لبرنامجه السياسي العام، غير أني لا أعتقد أن أحدا منهم تجرأ على القول إن هذا هو الجواب. فأصبح سؤالي يدور حول ما إذا كان الأمر يتعلق بقراءة فكرية وأيديولوجية لنظريته العامة في المجتمع والممارسة السياسية، فلم أجد جوابا يرجح هذا المنحى خاصة أنه إذا كان الأمر كذلك، فهو على طرفي نقيض مع كل التصورات الفكرية والإيديولوجية التي دافع عنها من أقدموا على التصويت لفائدة الحزب.
فقلت في نفسي لعل هؤلاء رجحوا كفة العدالة والتنمية لنزاهة واستقامة جل أعضائه وقياداته، والتزامهم بقيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فخامرني الشك في هذا التفسير، ليس لطعن في ذمة هذا أو ذاك، من جهة، وليس بزعم احتكار هذا أو ذاك لقيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية من جهة أخرى، وإنما لسبب بسيط هو أن علاقة هذا الحزب بالمسؤوليات في مجال تدبير الشأن العام حديثة العهد ولا تكفي لإصدار تقييم حاسم في هذا المجال، خاصة أن مثقفينا يعرفون أن الأحكام القاطعة أو الراجحة تحتاج غلى ما يدعمها على مدى زمني طويل نسبيا حتى تأتي الأحكام قائمة على أسس أقرب إلى الموضوعية منها إلى الأبعاد الذاتية التي لا يمكن البرهنة على صحتها خارج المقاييس الذاتية إياها، إضافة إلى أنه حزب لم يعتبر نفسه يوما من الأيام حزبا يحمل مرجعية ديمقراطية بالمعنى المتعارف عليه في هذا المجال .
واعتبرت في مرحلة أخرى، أن الاصطفاف إلى جانب من يتم اعتقاده الأقوى في المعادلات السياسية الراهنة، قد يكون له اثر في هذا الاختيار، لكنني اصطدمت بواقع أن بعضهم لا يندرج ضمن هذه الخانة لأسباب عديدة منها أن أقوياء مفترضين في السابق لم يغرهم، ولم نرهم مصطفين إلى جانبهم.
وهكذا لم أجد أمامي إلا احتمالا، وأتمنى ألا يكون هو الصحيح، وهو أن البعض قد قرر تصفية الحساب مع كل ما هو تقدمي أو حداثي أو ديمقراطي أو وطني، ثارة عبر الإعلان عن أن كل شيء يتحكم فيه “المخزن”، وثارة عبر التبشير بموت أحزاب الحركة الوطنية المغربية أسوة بمن ذهبوا هذا المذهب في سبعينيات القرن الماضي.