“بريد تيفي” : مصطفى وشلح
في وقت تقترب فيه العملية الانتخابية التشريعية الثانية بعد “الربيع العربي” والحراك الشعبي الذي عرفه المغرب آنذاك، والثانية أيضا بعد دستور 2011، تتدافع الأحزاب وتتحرك يمنة ويسرة، وفي كل الاتجاهات، لا تريد أن تخسر أية فرصة، وتريد أن تغتنم كل الفرص، فإذ يتمنى كل حزب أن يتصدر الانتخابات، يبحث في كل الآفاق عن مرشح شارد، “مول الشكارة” كان أو “مرشح مخضرم”، هنا يموت المناضل ويقبر في أسفل السافلين أو يرضى بما قسم الله فيكون عونا ودعما وسندا لـ”مول الشكارة” و”المرشح المخضرم”.
إنها الانتخابات التشريعية، حيث يكون لتوقيع الأمين العام لأي حزب من ذهب ومن ملايين وحتى ملايير السنتيمات، مقابل تزكية تزكي من هب ودب، وإن يكن بعيدا كل البعد عن السياسة وعن دروبها، وعن مؤسسات الحزب ونضاله، وعن الشعب وعذابه، وللأسف تأتي التزكيات على “ظهر” المناضلين الذين تربوا في أحضان الأحزاب ومؤسساتها و”مرجعياتها” التي تلقن لهم في المؤسسات، غير أنها لا توجد في واقعها، بل تبقى حبيسة مقرات الحزب في كل ربوع المملكة، مركزيا كانت أو جهويا وإقليميا ومحليا، كما أنها تأتي عكس رغبة الشعب، وتأتي بمن يفسد في السياسة ولا يصلح فيها، ومن لا يفهم فيها أي شيء غير البحث عن الامتيازات المختلفة.
مرت فترة التزكيات، ومرت معها صفقات “تحت الطابلة”، وسكت المناضل الذي يستحق التزكية عن حقه في الترشح، وباشر “المرشح” حملته الانتخابية، وبحث في كل الاتجاهات عن صوت انتخابي يعزز به رصيده في مقارعة خصومه من المرشحين الآخرين، من الأحزاب الأخرى، وبالتالي الوصول إلى قبة البرلمان، وما تضعه رهن إشارته من امتيازات، أو أنه سيصطدم في الدائرة الانتخابية نفسها بصاحب “شكارة أكبر” أو “مرشح سخي” خلال الحملة الانتخابية، ويضرب الأخماس في الأسداس، ويهدم قلاع أحلامه التي بناها بعد حصوله على التزكية من الأمين العام على حساب المناضل، الذي سبق وهيأ نفسه على أكمل وجه لخوض مثل هذه المعارك الانتخابية والسياسية قبل أن يصدمه الواقع السياسي المعاش في المغرب.
وبغض النظر عن ما ستسفر عنه انتخابات 7 أكتوبر تبقى قضية التزكيات التي تبعد المناضلين وتأتي بأشخا بعيدين كل البعد عن السياسية، من النقط السوداء التي لا تعرقل بقوة المسار الديمقراطي والسياسي في بلادنا، بل وتساهم في تراجعه في وقت ليس هناك أي مجال للتراجع أمام هول ما يحدث في بلدان أخرى خان مسؤولوها وسياسيوها شعوبها.